هي الساهرة | [من ديوان: طفولة المطر]



هي الساهرة
[من ديوان: طفولة المطر]
سَهِرْتُ وَمَا مِنْ عُيُونٍ سِوَى = عُيُونِ الإِلَهِ هِيَ السَّاهِرَةْ
وَكُلُّ فُؤَادٍ طَهُورٍ وَكَمْ مِنْ = قُلُوبٍ غَدَتْ بِالْهُدَى عَامِرَةْ
سَهِرْتُ وَهَذَا هُوَ الْفَجْرُ يَدْنُو = وَيَهْمِسُ بِاللَّهْجَةِ الآمِرَةْ
فَمَازَالَ بِالْخَيْرِ دُنْيَا الْوَرَى = لِمَاذَا أَرَاكِ إِذًا حَائِرَةْ
♦♦♦
تَعَالَ أَيَا فَجْرِيَ الْمُسْتَنِيرَ = أَبُثُّكَ فِي اللَّيْلَةِ الْغَابِرَةْ
حَدِيثًا عَجِيبًا يُسِيءُ النُّفُوسَ = وَتَنْدَى لَهُ الْجَبْهَةُ الطَّاهِرَةْ
حِكَايَةُ شَيْخٍ وَأَيْضًا فَتَاةٍ = سَتَبْقَى لَنَا قِصَّةٌ نَادِرَةْ
لِتَنْظُرْ مَعِي هَلْ بِخَيْرٍ تَرَاهَا = أَمِ الْخَيْرُ أُسْطُورَةٌ عَابِرَةْ
♦♦♦
أَتَيْتُ كَبِيرًا عَظِيمَ الْمَقَامِ = بِهِ تَزْدَهِي الْحِكْمَةُ الْغَامِرَةْ
وَبَاتَ الْحَدِيثُ لِهَذَا وَذَاكَ = وَدُنْيَا الْجَمِيعِ بِهِ عَامِرَةْ
وَتَارِيخُنَا الْيَوْمَ قَدْ ضَمَّهُ = لِيَزْحَمَ صَفْوَتَهُ النَّيِّرَةْ
تَمَنَّيْتُ يَوْمًا أَرَى ظِلَّهُ = أَكُونُ عَلَى دَرْبِهِ سَائِرَةْ
وَكَمْ بِتُّ أَحْلُمُ بِالْمُلْتَقَى = بِهِ كَصَغِيرٍ غَزَا الدَّائِرَةْ
أُرِيدُ يَدَيْكَ تُعِينُ يَدِيَّ = لِكَيْمَا أكُونَ بِكَ الشَّاعِرَةْ
فَلَبَّى سَرِيعًا وَكُنْتُ أَظُنُّ = بِأَنِّي حَظِيتُ، بِهِ الظَافِرَةْ
وَمَا هُوَ إِلَّا لِقَاءٌ وَثَانٍ = كَأَنِّي بِحُلمِ المُنى طَائِرَةْ
فَكَمْ كُنْتُ عِنْدَ لِقَائِي بِهِ = أَرَانِيَ بِالْمَجْدِ مُسْتَبْشِرَةْ
♦♦♦
وَهَذَا لِقَاءٌ أَتَى ثَالِثٌ = تَكَشَّفَ عن نَفْسهِ البَاسِرَةْ
نُفُوسُ الثَّعَالِبِ فِي خَيْرِ ثَوْبٍ = وَنَفْسُ الثَّعَالِبِ كَمْ مَاكِرَةْ
أَتَانِي بوَجْهٍ كوجهِ الذِّئاب = وَأَشْدَاقُهُ قَدْ بَدَتْ فَاغِرَةْ
يريد الْتَهامِي ولسْتُ طَعَامًا = ومَا كنْتُ للجَائِعِ الشَّاطِرَةْ
أَنَا لسْتُ أَحْمِلُ فِي خَاطِرِي = سِوَى مَا تَرى الأَعْيُنُ النَّاظِرَةْ
أَتَيْتُكَ أَسْعَى كَتِلْمِيذَةً = وَلَسْتُ عَشِيقَتَكَ الْفَاجِرَةْ
♦♦♦
فما عاش شِعْرٌ أتى عن طريقِ = أُناسٍ سَقَطْنَ إلى الحافرةْ
أَبِاسْمِ القَريضِ تَعِيثُ فسادًا = وتَفْتِكُ بالدُّمْيةِ الناضرةْ
وَرُحْتَ تُعَرْبِدَ فِي خَلْقهِ = كَأَنَّكَ لَمْ تَدْرِ مَا الآخِرَةْ
فأنتِ تَعَالَيْ مَعَ الحُبِّ نَلْهُو = وَأَنْتِ أُرِيدُكِ لِي زائرة
وَأَنْتِ يُمِيلُكِ لَفْظٍ لَطِيفٍ = وَعِنْدِي أَنَا اللفْظَةُ السَّاحِرَةْ
وَأَنْتِ العَنِيدَةُ مَا حِيلَتي = ونَفْسيَ كالْحيَّة الكَاسِرَةْ
فيا وَيْحَكُمْ تلك دنياكمُ = فلستُ على ما بها صابرة
وقانا المُهَيْمِنُ شرَّ العبادِ = وجنَّبَنا العُصْبةَ الخاسرة
تبرَّأ منْكمْ رسولُ السلامِ = وعافتْكمُ الجَنَّةُ العامرة
♦♦♦

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق